في مجتمع يحاصر أصوات النساء ويقيد حرياتهنّ تحت وطأة العادات والتقاليد، ويغذي سياسات تكرّس العنف ضدهنّ، يظل التوثيق والرصد أدوات حيوية للكشف عن مدى انتشار جرائم العنف الممنهج ضد النساء في المجال الخاص. لا تمثل هذه الجرائم مجرد أرقام جامدة، بل هي قصص معاناة حقيقية تعيشها النساء يوميًا في مختلف المحافظات المصرية.
خلال عام 2024، تمكنّا في وحدة الرصد بمؤسسة براح آمن من توثيق 703 جريمة عنف ضد النساء في 21 محافظة من أصل 27، وهو ما يعكس استمرار انتشار هذه الجرائم في مختلف أنحاء البلاد. ومع ذلك، ندرك تمامًا أن هذا الرقم لا يمثل سوى جزء بسيط من الواقع، حيث إن هناك العديد من النساء اللاتي لم يتمكنّ من الإبلاغ بسبب الخوف من الوصم المجتمعي، أو القمع الأسري، أو غياب الدعم القانوني والمجتمعي الكافي.
في هذا التقرير، نقوم بتحليل البيانات وفقًا لتوزيع الجرائم على المحافظات، مع تسليط الضوء على الأنماط المتكررة، وأسباب تزايد معدلات العنف في بعض المناطق، والغياب المستمر للرصد في محافظات بعينها. كما نستعرض أثر العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في تصاعد هذه الجرائم، ونناقش تحديات التوثيق والإبلاغ، لا سيما في المناطق الحدودية والصعيد، حيث تسود السلطة القبلية ويضعف الوصول إلى العدالة.
يهدف هذا التقرير إلى تقديم صورة شاملة عن واقع العنف ضد النساء في مصر، وإبراز الحاجة الملحة إلى سياسات وإجراءات أكثر فاعلية لحماية الناجيات، وضمان وصول أصواتهنّ، ومحاسبة الجناة. فالنساء اللاتي لم تستطعنّ الحديث اليوم، لا ينبغي أن يُجبرنّ على الصمت غدًا.
Previous Post