اليوم العالمي للإجهاض الآمن، السياق الطبي والاجتماعي المصري.

كتبت/ شيماء طنطاوى

يحتفل العالم في الـ 28 من سبتمبر من كل عام باليوم العالمي للإجهاض الآمن، وهذا التاريخ يهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الإجهاض الآمن وأثره على النساء والمجتمعات. وحيث يحتفل العالم باليوم العالمي للإجهاض الآمن، مازالت النساء في مصر تُعاني حتى الآن من مخاطر التعرض للإجهاض، سواء كان هذا الإجهاض لسبب طبي، نفسي، اجتماعي، أو له علاقة بحرية اختيار قرار الإنجاب.

مفهوم الإجهاض الآمن وأهميته:
يُعرَّف الإجهاض الآمن بأنه الإجراء الطبي الذي يتم بشكل قانوني وآمن لإنهاء الحمل عندما لا يكون الحمل مرغوبًا فيه أو يشكل خطرًا على صحة النساء. يتطلب الإجهاض الآمن خدمات طبية نوعية، مساندة اجتماعية، ودعم نفسي للنساء، اللاتي يخترنّ هذا الخيار.

ومن الأسباب التي تجعل خطوة الإجهاض الآمن خطوة مهمة ولازمة في حياة النساء:
يًساهم الإجهاض الآمن في حماية حياة وصحة النساء، اللواتي لايستطعنّ جسدياً، نفسياً، الإنجاب في وقت ما من حياتهنّ.
تقليل وفيات الأمهات، حيث أن خيار الإجهاض الآمن القانوني يُساعد النساء على الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، وبالتالي عدم تعرض حياتهنّ للخطر أثناء الإجهاض.
تقليل إعاقة الأطفال الناجمة عن الإجهاض غير الآمن.
المساعدة على تحديد النسل في حالات مُعينة يحدث فيها الحمل بدون رغبة الزواج.
كما يُساعد مثل هذا القرار في كثير من الأحيان ليس فقط في الحفاظ على سلامة الأسرة وتماسكها، إذا كان إنجاب طفل في وقت لم تكن فيه الأسر مستقرة نفسياً، اجتماعياً أو مادياً.

بناء أسر سليمة نفسية واجتماعياً وتتمتع بالسلامة والصحة النفسية، لا يُبنى على قرارات إجبارية تدفع أثمانها النساء من أجسادهنّ أحياناً، وقد يصل الأمر إلى عدم النجاة بحياتهنّ، كما أن إنجاب طفل غير مرغوب فيه للعالم، ولا يُمكن التكفل برعايته نفسياً، اجتماعياً، واقتصادياً يُعد كذلك من أكبر أشكال الظلم والعنف النفسي الذي يقع على هذا الطفل، ويٌخرج للعالم أشخاص غير أسوياء وغير سعداء نفسياً، لإعادة إنتاج دائرة الظلم والتمييز والعنف مرة اخرى.

تأثير القوانين والتشريعات على الإجهاض الآمن:
تتفاوت القوانين والتشريعات المتعلقة بالإجهاض في جميع أنحاء العالم، وقد يُؤثر ذلك على توفر الخدمات الطبية الآمنة للنساء. الدول التي تفرض قيودًا صارمة على الإجهاض تزيد من خطر الإجهاض غير الآمن وتعرض صحة النساء وحياتهنّ للخطر. فإقامة مجتمعات تدعمها التشريعات التي تُجيز وتُسهل الوصول إلى الإجهاض الآمن، وتُوفر خدمات صحية اجتماعية عالية الجودة، تساعد في حماية صحة النساء وحقوقهن. لذلك لا بد من تعزيز الوعي، وتقديم المعلومات العلمية الدقيقة حول الإجهاض الآمن، والحقوق المتعلقة به لتحقيق مجتمع مُتحضر، يحترم حرية النساء في اتخاذ قراراتهنّ بشأن الحمل والنسل.

السياق الطبي والتشريعي المصري: في اليوم العالمي للإجهاض الآمن، نُسلط الضوء على السياق الطبي والاجتماعي المصري المتعلق بالإجهاض.حيث نتحدث عن التحديات والعقبات التي تواجه النساء في مصر عند البحث عن خيار الإجهاض الآمن.

تاريخ التشريعات المتعلقة بالإجهاض في مصر:
في مصر، يعتبر الإجهاض غير قانوني ما لم يتوفر خطر على حياة المرأة أو في حالة تشوهات خلقية. تم تشديد التشريعات بعد ثورة 1952.

تحديات وعقبات الإجهاض الآمن في المجتمع المصري:
تواجه النساء في مصر تحديات كبيرة وعقبات في سبيل الحصول على الإجهاض الآمن. تشمل هذه التحديات:
تحديات طبية.
تحديات نفسية.
تحديات اجتماعية.
تحديات اقتصادية.
وبالحديث عن التحديات الطبية، ونتيجة عدم تقنين تلك العمليات، فإن الأطباء\ الطبيبات في مصر حين يقمنّ بمثل تلك العمليات، حتى وإن كان للضرورة الطبية أو المحافظة على حياة المريضة، تتم العمليات بشكل غير مٌعلن، وهذا قد يُحدث العديد من التحديات الواقعة على النساء مثل؛
عدم الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، يقمنّ بعض النساء بالاجهاض المنزلي خوفاً من المساءلة القانونية في حالة طلب الدعم الطبي، أو التعرض للوصم والتمييز وربما العنف، مما يُعرض حياة هؤلاء النساء للخطر.
التحرش الجنسي أو عمل أي إجراء طبي غير مرغوب فيه، بدون محاسبة. حيث تتعرض النساء للتعنيف أثناء الولادة في مصر من قبل الأطباء، فماذا قد يحدث في غرف العمليات المغلقة لنساء اخترنّ اختيارات مختلفة.
قلة الوعي الصحي حول هذا الإجراء، وبالتحديد بين النساء اللواتي يخضعنّ لمثل تلك العملية، في كثير من الحيان لا يحصلنّ هؤلاء النساء على تعليمات طبية واضحة بعد إجراء العملية حول الاهتمام بصحتهنّ الجسدية والنفسية.
أما التحديات الاجتماعية تتمثل في؛
الوصم الاجتماعي الذي يقع على النساء اللواتي يخترن اختيار الإجهاض بإرادتهنّ ” إن وجدنّ”.
الوصم الاجتماعي الواقع على النساء اللواتي لم يخترن هذا الاختيار ولكنهنّ مجبرات بسبب عدم قدرتهنّ الصحية.
الترهيب والابتزاز العاطفي الذي يقع من المجتمع والعائلة على النساء اللواتي يقدمن ّ على تلك الخطوة بأقوال مثل ” انتي كده بتقتلي روح” حتى وإن كان الجنين في الشهور الثلاثة الأولى.
النظرة الدونية التي ينظر بها المجتمع عموماً، والمجتمع الطبي خصوصاً للنساء اللواتي يخترنّ اختيار الإجهاض بشكل واعي، أو بشكل مضطر كما في حالات وجود إعاقة محتملة.

وبسبب تلك التحديات الاجتماعية والوصم المجتمعي، تواجه النساء اللواتي مررنّ بتلك التجربة العديد من الصعوبات والتحديات في الحصول على خدمات الرعاية النفسية اللازمة، نتيجة المرور بهذا الألم الجسدي والنفسي الناتج عن الإجهاض الآمن، وصعوبة الحديث عن مثل تلك الموضوعات خوفاً من الأحكام أو التمييز حتى بين المتخصصين\ات النفسيين\ات. فعلى الرغم من إتخاذ النساء لهذا الاختيار أحياناً إلى أنه يظل مؤلم نفسياً عليهنّ، ويحتاج لرعاية نفسية بعده.

فيما يخص التحديات الاقتصادية، وفي ظل الوضع الاقتصادي الحالي، إما أن تلجأ النساء إلى الإجهاض المنزلي، والذي لا يٌمكن التنبؤ بنتائجه، ومخاطره على الصحة الجنسية والإنجابية للنساء، أو يلجأن إلى أطباء\ طبيبات يستغلنّ الوضع القانوني الغير مساند لهؤلاء النساء، ويتم استغلالهنّ مادياً للحصول على خدمة طبية رديئة، مليئة بالوصم والتميز وربما العنف كذلك، فكل طبيب يُحدد المبلغ المرغوب فيه بناءاً على إرادته، وبناءاً على حكمه على الحالة ومدى احتياجها.
لذلك احتراماً لحقوق النساء عموماً وحقهنّ في الحياة، يُمكن تخفيف هذه التحديات وتوفير الإجهاض الآمن للنساء في مصر، فيجب تشريع الإجهاض الآمن وتوفير الرعاية الصحية اللازمة لحماية صحة وسلامة النساء.

أهمية توفير خدمات الإجهاض الآمن في المنشآت الصحية:
تحسين الصحة العامة: يتيح توفير الإجهاض الآمن والرعاية الصحية فرصة للنساء للحصول على خدمات صحية آمنة ومتاحة لهن. وهذا يساهم في تقليل حدوث الإجهاض غير الآمن والمضاعفات الصحية المرتبطة به.
حقوق النساء: توفير الإجهاض الآمن يعزز حقوق المرأة في تحقيق القرارات الصحية الذاتية وتخطيط الأسرة والحصول على الرعاية الصحية اللازمة.
تقليل الوفيات والإعاقة: يؤدي الإجهاض غير الآمن إلى وفيات وإعاقة لدى النساء. وتوفر الإجهاض الآمن والرعاية الصحية فرصة لتقليل هذه المخاطر والمضاعفات الصحية.

تدابير السلامة والنتائج الصحية المرتبطة بالإجهاض الآمن
التدابير الطبية الآمنة: يجب أن تتم الإجراءات الطبية والجراحية المتعلقة بالإجهاض بشكل آمن وفقًا للمعايير الطبية الدولية. هذا يتطلب توفير وصول سهل وميسر إلى المنشآت الصحية المؤهلة والفرق الطبية المدربة.
رعاية ما بعد الإجهاض: ينبغي توفير رعاية ما بعد الإجهاض للنساء للمساعدة في التعافي الجسدي والعاطفي بعد الإجهاض، بما في ذلك النصح الصحي الشامل والدعم النفسي.

هذا ومن خلال توفير تشريعات تنص وتٌقر بضرورة حصول النساء على خدمات الإجهاض الآمن والرعاية الصحية والنفسية الملائمة، داخل المؤسسات الصحية الحكومية،تتمكن النساء من تحسين الصحة العامة لهنّ وكذلك تتمكن من الاستمتاع بالحق الأول “وهو الحق في حياة كريمة” لهنّ كمواطنات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *