أن أبشع ما يمكن أن يقوم به مجتمع تجاه جريمة ما هو التطبيع معها، أي التعامل معها بوصفها أمرا طبيعيا مسلما به، ويزداد الأمر سوء لو جاء القانون متوافق مـــع رؤية المجتمع فاعتبر أن صور هذه الجريمة المختلفة هي أفعال مباحة، وذلك هو واقع جرائم العنف الأسري ضد النساء في مصر، فرغم أن هذا النوع مــن العنف هــو النوع الوحيد الذي تبدأ ممارسته قبل ميلاد الأنثى فــي بعض الأحيان، فبمجرد معرفة الزوج، وذويه، بحمل زوجته في أنثى، تبدأ عليه أعراض التأفف، وإهمال زوجته، وفي بعض الحالات يقوم الزوج بإجبار زوجته على الإجهاض، ثم تستمر معها صور العنف الأسرى الأخرى ما بقى لها من عمر، إلا أن هذا النوع من العنف قلما يحظى باهتمام المعنيين بالتشريع في مصر، وينظرون له على أنه “خلافات أسرية”.فـي محاولة مـــن “مجموعة براح آمن” لتتبع مسار هــــذه الجرائم في مصر وانتشارها، قمنا بتحليل الأخبار المنشورة في وسائل الإعلام المصرية حول وقائع العنف االسري المختلفة خلال العام ،2018وتمكن فريق العمل من رصد 616 جريمة عنف أسري مختلفة فـي هذا العام، وهـي ليس بالقطع العدد الحقيقي لجرائم العنف الأسرى فــي مصر، ولكنها مـــا وصل منهـا للصحف فقط، نظرا لجسامته أو للجوء المتضررات منه لأجهزة انفاذ القانون، فهذا العدد وما يحتويه من تفضلات رغم ذلك يعد مؤشـرا هاما للمعنين بأوضاع النساء في مصر، فاذا قلنا على سبيل المثال أن من بين هذه الوقائع هناك 812 واقعة قتل لنساء في إطار الأسرة فإن هذا الرقم يستحق وقفة جادة لدراسة هذه
الجرائم، مع باقي المؤشرات التي يطرحها هذا التقرير الموجز حول جرائم العنف الأسرى ضد النساء في مصر.